ليلة الهبوط المريرة.. الأهلي يغرق النواخذة بـ5 ثوان

لاعبو فريق الاتفاق متأثرين بعد الهبوط في الوقت القاتل أمام الأهلي في موسم 2014 (أرشيفية)
الدمام ـ خالد الشايع 2025.09.12 | 03:40 pm

خمس ثوان فقط، كانت كافيه لغرق النواخذة، والهبوط إلى دوري الدرجة الأولى قبل نحو عقد من الزمن.
الدقيقة 93:55، الوقت بدل الإضافي المحدد كان أربع دقائق فقط، اللعبة الأخيرة، كرة لا تشكل خطورة كبيرة على مرمى فريق الاتفاق الأول لكرة القدم، هكذا بدأ منظرها وهي ترتفع لمنطقة الجزاء الحمراء، في وقت كان الحكم فهد المرداسي يوشك على إطلاق صافرته الأخيرة، وبشكل خاطئ وغير متوقع، قفز محمد الراشد، مهاجم الاتفاق، ليحولها في شباك فريقه.
هكذا بلا مبرر، عاد المهاجم للخلف كثيرًا، ليكون سببًا في أكبر صدمة يتعرض لها فارس الدهناء في تاريخه، وتحول منظر محمد الصدعان، مدير الكرة في النادي، وهو يسير منهارًا ويكاد يغمى عليه، بعد المباراة، لأيقونة السقوط في موسم 2014.
كانت الأمور على ما يرام، حتى تلك الثواني المؤلمة، دخل الاتفاقيون المباراة بوضعية مريحة نوعًا ما، على الرغم من صعوبتها كانوا في المركز العاشر بـ 26 نقطة، ويحتاج فقط إلى الخروج بالتعادل.
الشعلة، ونجران، والعروبة، كانوا في وضع أصعب منه، وحتى قفزة الراشد العكسية، كانت الأمور تسير بالاتفاق لبر الأمان.
غير أن قصة الهبوط لم تكتب في تلك الليلة، رأسية الراشد كانت التوقيع الأخير عليها لا أكثر، تعرض الفريق لضربات موجعة في الجولات الخمس الأخيرة، كان أكثرها قسوة الخسارة من الشعلة 4ـ0 في الجولة 16، التي منحت الشعلة أفضلية المواجهات المباشرة، وهو ما كان في نهاية المطاف سببًا في هبوط الاتفاق.
في آخر خمس جولات لم يجمع الفريق إلا أربع نقاط من أصل 15 كانت متاحة، واحدة إضافية كانت كافية لإنقاذه من اللحظة الصادمة، حتى خسر الفريق أمام الأهلي 2ـ1، بهدف عكسي، بعد مباراة هادئة، وتسير نحو التعادل على ثوانيها الأخيرة، ولسان حال الاتفاقيين يقول: بيدي لا بيد عمرو.
حسنًا، القصة أعمق من ذلك أيضًا، غياب الرؤية، وتضارب الخطط خلال الأعوام، التي سبقت الهبوط، جاءت النتيجة عكسية تمامًا.
صدمات متتالية، وسقوط حر، بدأ قبل اللحظة الخزينة بموسمين، وأكثر، بعد خسارة الفريق نهائي كأس ولي العهد على يد الهلال 2ـ1 في عام 2012 قرر عبد العزيز الدوسري، رئيس النادي، إعادة بناء فريق جديد، تخلى عن نجوم الفريق بهدف توفير المال لشراء لاعبين أكثر.
تأسس نادي الاتفاق عام 1945، عندما قررت ثلاثة فرق الاندماج معًا لتأسيس فريق لكرة القدم، تحت مسمى «الاتفاق»، وفي عام 1963 لعب الفريق على نهائي كأس الملك للمرة الأولى في تاريخه، ولكنه خسر أمام الاتحاد 6ـ2، بعد عامين عاد الفريق ليخوض نهائي كأس الملك أمام الأهلي، ويخسر مجددًا 3ـ1، ولكنه عوض كل ذلك بالفوز بكأس ولي العهد على حساب الاتحاد 3ـ0، ليتوج بأول بطولة له، بعد 20 عامًا من تأسيسه.
وفي عام 1977 نجح الاتفاق في الصعود إلى الدوري الممتاز، بعد أن تم تصنيفه ضمن أندية الدرجة الأولى، انتظر حتى بداية الثمانينيات ليشهد الفريق أفضل عصوره على الإطلاق، وفيها تويج ببطولة الدوري السعودي مرتين موسمي 1982ـ1983 و1986ـ1987.
كما حقق كأس الملك مرة عام 1985، وحل وصيفًا مرتين عامي 1983 و1988، فترة عرفت بالعصر الذهبي لفارس الدهناء تحت قيادة المدرب السعودي خليل الزياني، ونجومه صالح خليفة، وعيسى خليفة، وسلمان نمشان، ومبارك الدوسري، وعادل الصالح، وجمال محمد، وأبو حيدر، وفيصل البدين، وسلمان حمدان، وعمر باخشوين.
ولكن مع نهاية عقد الثمانينات، بدأ الفريق رحلة الابتعاد عن المنافسة تدريجيًا، حتى جاءت الضربة القاصمة عام 2014.
الكثير من العمل الإداري غير المخطط له بشكل جيد، تسبب في تراكم الإخفاقات.
الانهيار كان تدريجيًا عندما توسعت الإدارة، التي يقودها المخضرمان عبد العزيز الدوسري، وخليل الزياني، في سياسة بيع عقود اللاعبين، أو السماح لهم بالانتقال الحر بعد انتهاء عقودهم، لعدم رغبتهما في دفع المال للتجديد لهم، كانت سياسة الإدارة صارمة في التفاوض «عاجبك، والا أمش»، سببًا في رحيل الكثير من اللاعبين، في نهاية المطاف قرر خليل الزياني الابتعاد لعدم رضاه عن ذلك.
في المواسم التي سبقت الهبوط، توالى عدد كبير من المدربين قيادة الفريق، ثلاثة مدربين في كل موسم، تزامن ذلك مع توجه الإدارة لبيع عقود أبرز لاعبي الفريق بدءًا من مغادرة عبد الرحمن القحطاني إلى النصر، وبدر الخميس إلى التعاون، وأحمد سعد إلى هجر، وراشد الرهيب إلى الاتحاد، وإعارة حمد الحمد إلى التعاون، واستمرت الإدارة في خططها لتوفير المال على حساب النجوم، فتخلت عن يحيى عتين إلى الأهلي، وعبد المطلب الطريدي إلى الاتحاد، ثم وليد محبوب إلى الوحدة، وسند شراحيلي إلى التعاون، وأخيرًا الراحل يوسف السالم إلى الهلال، ويحيى الشهري للنصر، والاستغناء عن صالح بشير، وفايز السبيعي، ثم غادر كل من عمار الدحيم، وعبد الله الدوسري، ومصطفى المعيلو، وعلي الزبيدي.
وفي المقابل، تعاقد الاتفاق مع أكثر من 50 لاعبًا، كلفوا النادي أكثر من 25 مليون ريال، إضافة لعدد كبير من اللاعبين غير السعوديين، في موسم الهبوط، كان التغيير جذريًا، تعاقد النادي مع 23 لاعبًا جديدًا، فشلوا في تعويض الراحلين.
في موسم الهبوط، تعاقدت الإدارة مع محمد شريفي، ومحمد الراشد، وتوفيق بوحيمد، وخالد الرجيب، وإسلام سراج، وعبد المطلب الطريدي، وقبله إبراهيم هزازي، وحسن خيرات، وعلي عطيف، وعايض الشهري، وعبد المجيد الثنيان، وفهد المرواني، وسلطان اليامي، وخالد الحامضي، وإبراهيم المطيري، وخمسة لاعبين غير سعوديين، هم: البرازيلي أندوني، والروماني نيكولاي، والسنغالي بابا ويجو، والأردني ياسين البخيت، والتيموري بيتر الميديا.
أيضًا تعاقب على قيادة الفريق فنيًا مع أربعة مدربين، بدءًا بالألماني ثيو بوكير، الذي خاض مع الفريق خمسة لقاءات، خسر ثلاثة، وفاز في واحد، وتعادل بمثله، لتتخذ الإدارة قرارًا بإقالته وتكليف الروماني إيسبيو تودور بديلًا مؤقتًا، الذي قاد الفريق في مباراتين، خسر واحدة، وكسب الأخرى.
تلا ذلك حضور المدرب الصربي جوران توفيدزيتش، الذي قاد الفريق في 14 لقاء، فاز في ثلاثة فقط، وتعادل في ستة، وخسر خمسة، لتتم إقالته، وإحضار الروماني إيوان أندوني، الذي سبق له قيادة الفريق في موسم 2009، ولكن الحال تراجع للأسواء، فكسب الفريق في ظل قيادته لقاء واحدًا، وتعادل في واحد، وخسر ثلاثة لقاءات، كان آخرها أمام الأهلي، ورأسية محمد الراشد، الذي انتقل بعدها مباشرة لهجر، ولكن بعد أن أغرق السفينة.