كونسيساو.. قلب رقيق حوّل بورتو إلى وحش

البرتغالي سيرجيو كونسيساو يحتفل مع ميلان بكأس السوبر في الرياض مطلع 2025 (أرشيفية)
القاهرة - أحمد مختار 2025.10.05 | 03:31 pm

في قلب كويمبرا، المدينة البرتغالية الساحرة المحاطة بتلال خضراء، رأى النور سيرجيو كونسيساو في 15 نوفمبر 1974، وسط أسرة متواضعة.
كان والده عامل بناء يصارع الحياة اليومية، وأمه ربة منزل تُداري أعباء عائلة تضم ثمانية أشقاء، جميعهم يتشاركون سقفًا واحدًا في أيام الطفولة القاسية.
الحياة لم تكن رحيمة مع الفتى سيرجيو، في سن السادسة عشرة، بينما كان يلمع موهبته في صفوف ناشئي أكاديميكا كويمبرا، صفعته المأساة بموت والده في حادث دراجة نارية مروع. ثم، بعد انضمامه إلى أكاديمية بورتو عام 1991، خسر والدته بعد معاناة طويلة مع المرض، ثم فجع بوفاة شقيقه الأصغر في حادث مفاجئ.
لاحقًا وصف كونسيساو هذه الفواجع بـ«اللحظة الأكثر ألمًا في حياتي»، والتي تركت ندوبًا عميقة استغرق سنوات ليداويها.
من رحم هذه الآلام، نبتت في كونسيساو قوة داخلية هائلة، بعد زواجه، بنى أسرة كبيرة تضم خمسة أبناء: سيرجيو، ورودريجو، مويسيس، فرانسيسكو، وخوسيه.
ولم يقف الأمر عند ذلك، ففي أعقاب جائحة كورونا بعد 2020، مد يد العون لعشرات الأسر البرتغالية الفقيرة، موفرًا لها وظائف ومصادر دخل مستقرة، ما يعكس قلبه الرحيم خلف شخصيته الحديدية.
بطول 178 سم ووزن 78 كجم، تحول كونسيساو إلى آلة كروية في أكاديمية بورتو، حيث اختاروه لاعب جناح بفضل سرعته الخارقة، مهارته الدقيقة، وقوته البدنية الاستثنائية.
انضم رسميًا إلى الفريق الأول عام 1993، وبدأ رحلة احترافية مليئة بالتحديات والانتصارات.
خلال التسعينيات، ارتدى قمصان عدة أندية برتغالية مثل بورتو، بينافيل، ولييريا، قبل أن يغزو إيطاليا مع لاتسيو من 1998 إلى 2000.
لم يتوقف هناك، لعب مع بارما وإنتر ميلان، ثم عاد إلى بورتو عام 2004، وانتقل إلى ستاندر لييج البلجيكي، ثم باوك اليوناني حيث اعتزل عام 2010.
وفي لمحة مثيرة، خاض تجربة قصيرة في الكويت مع القادسية عام 2007، ما يربط مسيرته بالشرق الأوسط مبكرًا، قبل أن يصبح على أعتاب قيادة الدفة الفنية في فريق الاتحاد الأول لكرة القدم، وفق ما ذكره مصدر خاص لـ«الرياضية» السبت.
معظم إنجازاته لاعبًا جاءت مع بورتو ولاتسيو: فاز مع بورتو بالدوري البرتغالي، الكأس، والسوبر، أما مع لاتسيو، فتوج بلقب الكالتشيو عام 2000، إضافة إلى كأس إيطاليا، السوبر الإيطالي، وكأس الكؤوس الأوروبية عام 1999.
في المنتخب البرتغالي، من 1996 إلى 2003، كان كونسيساو عمودًا فقريًا في «الجيل الذهبي»، إلى جانب أساطير مثل لويس فيجو، روي كوستا، ونونو جوميش، مساهمًا في بناء تراث يفخر به البرتغاليون.
بعد الاعتزال، انتقل كونسيساو إلى مقاعد التدريب بسلاسة، بدأ مساعدًا في ستاندر لييج تحت قيادة دومينيك دونوفريو، ثم تولى أولانينسي عام 2012.
من 2013 إلى 2017، قاد أكاديميكا، براجا، وفيتوريا جيماريش، مكتسبًا سمعة كمدرب انضباطي تكتيكيًا، بشخصية قوية تحقق نتائج مذهلة.
عام 2017، غادر البرتغال ليدرب نانت الفرنسي لموسم واحد فقط، قبل أن يعود ليقود بورتو للمرة الأولى. هناك، رسم كونسيساو لوحة إبداعية: 11 بطولة من 2017 إلى 2024، بما في ذلك ثلاثة ألقاب دوري، أربع كؤوس برتغالية، ثلاثة سوبر، وكأس الدوري.
تحول بورتو إلى وحش أوروبي تحت يديه، قبل أن يستقيل في يونيو 2024، مفضلًا إغلاق فصل مشرف.
عام 2025، تولى ميلان، فاتحًا صفحة جديدة بالفوز بالسوبر الإيطالي أمام إنتر ميلان 3-2 في الرياض، في نهائي جرى في العاصمة السعودية. على الرغم من هذه البداية الرائعة، واجه عواصف: هزيمة أمام بولونيا في نهائي كأس إيطاليا، والمركز الثامن في الدوري، ما أدى إلى إقالته نهاية الموسم الماضي.